المشاركات

غزة تحت مجهر ماسلو

 تزامنت نهاية سنة 2023 مع أبشع اعتداء نعايشه في جيلنا يستهدف إخواننا في غزة منذ أزيد من ثمانين يوما في حرب إبادة وحشية فتحت أعين الكثيرين على حقائق صادمة حول العالم الذي نعيش فيه. ساهمت الأحداث الحالية بشكل كبير في تغيير نظرة كثير من الناس إلى الحياة بأحلامها وطموحاتها وأولوياتها، حتى إن هذه الفترة منذ اندلاع الحرب، إن صحت تسميتها بهذا الاسم، عرفت دخول العديد من غير المسلمين في دين الإسلام. من عادة بعض الناس نهاية كل سنة، القيام بتقييم لإنجازاتهم خلالها ثم التخطيط للسنة المقبلة من أجل تحسين جودة الحياة في كل مناحيها؛ وتنبع رغبة الإنسان في تحقيق توازن في جوانب حياته المختلفة من احتياجاته التي لخصها أبراهام ماسلو، اليهودي للمفارقة، في هرمه الشهير. وأنت تخطط لسنتك الجديدة، ساعيا لتلبية احتياجاتك الإنسانية، ضع أمام نصب عينيك ما يلي: 1− الحاجات الفسيولوجية: بينما تحتل مجموعة من الكماليات حيزا مهما من لائحة احتياجاتك للطعام ولا تستطيع الاستغناء عن علامات تجارية تصرح علانية بتمويلها للمجرمين الذين يقتلون إخوانك وتتساءل عن بدائل لمنتجات ضررها أكثر من نفعها، تذكر أن العالم يقف عاجزا عن إدخا...

خمسة حقائق وضحها طوفان الأقصى

صورة
نعيش منذ اليوم السابع من أكتوبر أهم فصل نعاصره في فصول القضية الفلسطينية، حيث سرعان ما اختفت الدهشة التي اعترتنا في بداية طوفان الأقصى لتحل محلها تشكيلة من المشاعر المختلطة، بين أمل بالتحرير و ألم على الأرواح التي تتساقط تباعا، و فخر بأطفال و شباب و نساء و رجال غزة، و خجل من تقاعس صناع القرار و من عجزنا أمام ما يحصل... الحرب مصطلح بغيض يخط بالدماء على كتب التاريخ، لكن أبغض منه و أبشع منه أن يعمد محتل جائر إلى قتل آلاف المدنيين نصفهم أطفال، فما يفعله الكيان الجبان الآن لا يرقى لأن يسمى حربا. من يتأمل في الأحداث الحالية لا بد أن تنقشع عن عينيه الغشاوة التي كانت تحجب عنه بعض الحقائق أو تضبب رؤيتها، إلا أن كان صهيونيا أو حيوانا مجردا من الإنسانية أو معتوها لا يملك ذرة تمييز: - الحقيقة الأولى: الجيش الذي لا يقهر مجرد أكذوبة مضت إلى حدود كتابة هذا المقال ثمانية و أربعون يوما من القصف المستمر على غزة مع ثلاثة أيام من الهدنة في إطار هدنة الأيام الأربعة التي تم الاتفاق عليها مقابل تبادل للأسرى بين الطرفين و إدخال شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة. تهاوت خلال هذه المدة كل مبررات إسرائيل للقصف الجنون...

مما علمتني سنة 2021

صورة
  كل لحظة من لحظات عمرنا تصاحبها أفكار، أحداث وانفعالات، وبالتالي فهي ترسم خطوطا إضافية على لوحة حياتنا التي لن تنتهي رسمتها إلا بعد آخر نفس نأخذه من هذه الدنيا. كل عام يمر يترك في قلوبنا شحنة مشاعر، وفي رصيدنا عددا من الدروس تعجز أعرق الجامعات العالمية عن تقديمها؛ فالحياة أعظم معلم لأنها تقدم دروسها على محك التجربة، والعملي أقوى من النظري تأثيرا وترسخا في العقول. لم يعد يفصلنا عن نهاية سنة 2021 إلا أقل من يوم، لهذا اقتطعت لنفسي منها لحظات لاسترجاع شريط حياتي خلالها وتلخيص أهم العبر التي خرجت بها منها (إن كتب لي العيش إلى حين انتهاء السنة). أظن أننا لو طلبنا من الناس إعطاء عنوان لسنة 2020 فلن يختلف اثنان على اسم "كورونا"، نظرا لما عرفته السنة من حجر صحي ومن تركيز من شتى وسائل الإعلام على ذلك الكائن النانومتري القياس، الجيجامتري الأثر. إلا أنه بإطالته مدة الإقامة بيننا لسنة 2021 ولا ندري لكم من السنوات بعد ذلك فقد هيبته وقيمته في قلوب الناس وانطبق عليه المثل الشعبي القائل بالدارجة المغربية "كثرة السلام كيملس اليدين" . وهكذا وخلال سنة 2021، عادت كل ريما إلى مشاغ...

فن العيش ببساطة

صورة
طغت مؤخرا على ثقافتنا الاستهلاكية حمى شراء الجديد و المزيد من كل شيء، حتى بتنا ندخل المتجر لشراء غرض واحد فنخرج محملين بأكياس لا حصر لها. سيطرت علينا ثقافة الامتلاك و التكديس فأصبحنا نقبل على شراء كل ما نعجب به، و في كل مرة يتولد لدينا شعور بالرغبة في المزيد فندخل في حلقة مفرغة، بالضبط كما يحدث للجسم عند تناول السكر الأبيض، حيث يفرز الأنسولين الذي يسبب هبوط   نسبة السكر في الدم و بالتالي الرغبة في تناوله من جديد... ما يحدث حقا هو أننا نسعى لملإ الفراغ الذي نحس به بأشياء مادية فوق حاجتنا متوهمين انها ستجلب لنا الراحة، بينما لا نجني منها إلا   المزيد من الفوضى و عدم الشعور بالاكتفاء؛ فالهاتف الذي سنشتريه اليوم غدا سيأتي إصدار أفضل منه، و قطعة الملابس التي ستبهرنا اليوم بواجهة عرض متجر ستحل غدا محلها أخرى من التشكيلة الجديدة تطفئ إعجابنا بها، و هكذا... و قد زادت من هذه الحدة سيطرة الرأسمالية المتوحشة على اقتصاد العالم، حيث دفعت الرغبة في التطور المستمر للأرباح الشركات للسعي بكل الوسائل حتى و لو كانت لا أخلاقية إلى تشجيع الناس على الاستهلاك بدون حاجة، و إقناعهم عبر أ...

خواطر كورونية

صورة
لم يكن يخطر على بال أي منا و هو يرسم مخططاته لسنة   2020 أن مخلوقا لا مرئيا و غير حي يمكن أن يكون سببا مباشرا في تغيير الكثير من أفكاره، سلوكاته و عاداته. ما بين عشية و ضحاها أصبحنا ملزمين على التكيف مع وضع فرضه علينا الضيف الجديد فبتنا أمام خيارين لا ثالث لهما: التقبل و تكييف واقعنا و خططنا مع الوضع الحالي، أو الرفض و انتظار انحسار الفيروس - لأجل غير مسمى - لمواصلة الحياة. الخيار الأول ينظر إلى ما يجري على أنه منحة و فرصة لإعادة النظر في الكثير من الأشياء، بينما الثاني يراه محنة و عائقا أمام استمرارية العيش. إذا قلبنا الموضوع من جميع جوانبه نجد أن كورونا فتحت أعيننا على الكثير مما لم نكن نعطي أنفسنا مجرد فرصة للتفكير فيه: -     الكثير من المسلمات وضعت الآن تحت المجهر لإعادة تقييم مدى صحتها. -     عادات كثيرة كنا نقوم بها تبين لنا   خطأها و مدى خطورتها. -     أشياء عديدة كنا نضعها في أولوياتنا   اكتشفنا أننا نستطيع العيش بدونها. -     نعم لا تحصى لم نحس يوما بأهميتها أصبحنا نشكر الله تعالى عليها في ...

لغات الحب في زمن الكورونا

صورة
تحدث الكاتبان جاري تشابمن و روس كامبل في كتابهما "لغات الحب التي يستخدمها الأطفال" عن حاجة الأطفال للحب وعن الخزان العاطفي للطفل الذي علينا ملؤه بالحب ليزوده بالوقود اللازم لأيام الطفولة و المراهقة الصعبة، بالضبط كما يتم تشغيل السيارات باحتياطي خزان الوقود. أهم لغة للحب ركز عليها الكاتبان هي التلامس الجسدي، ثم بعدها تأتي كلمات التوكيد، الوقت النوعي، الهدايا و أعمال الخدمة. لطالما كانت الأحضان و القبلات هي لغة الحب الأكثر شيوعا مع الأطفال حيث يعتبرونها دليل حب من طرف الأبوين. بل حتى الأغراب أول ما يجدون أمامهم طفلا بعينيه البريئتين و حركاته العفوية لا يجدون أنفسهم إلا و هم يضمونه و يقبلونه. أشكال أخرى للتلامس الجسدي مع الأطفال تحسسهم بالحب و الحنان كأن تجلسهم على حجرك و تحكي لهم حكاية، أو تقذفهم في الهواء ثم تلتقطهم، أو تمسك بأيديهم و تدور بهم في الهواء... ذكر الكاتبان أن التلامس الجسدي هو أسهل لغة حب يمكن استخدامها مع الأطفال بدون شرط، و أراهن أنهما كانا سيغيران رأيهما هذا لو أنهما كتبا كتابهما بعد زمن الكورونا. أصبحنا الآن نضرب ألف حساب و نقوم بالعديد من ...

العروس

صورة
#قصة_قصيرة# بقلم: إيمان الدردابي                                      العروس عبثا حاولت صد دموعها، لكنها لا تدري كيف انفلتت منهم دمعتان ساخنتان رسمتا على وجنتيها أخدودي حزن و ألم زادا وجهها البائس بؤسا و منظرها الكئيب كآبة. تناهت إلى سمعها أصوات الزغاريد تملأ أرجاء منزلها الذي يشع بهجة بأجواء الاستعدادات ليوم الغد. كل الغرف تشهد حركة دؤوبة، فهذه تنظف الغبار و تلك ترص أطباق الحلويات وأخرى تجرب قفطانها الجديد... الكل مبتهج و أولهم والدها الذي طار فرحا يوم خطبها صالح.. كيف لا و هو يملك نصف أراضي قريتهم؟ بالنسبة لأبيها كان هذا السبب الوحيد للموافقة عليه رغم عيوبه الكثيرة الأخرى. تغاضى عن كونه لم يكمل حتى تعليمه الابتدائي، سكيرا يمضي أغلب وقته مع مجموعة من الفشلة، غليظ الطبع... صفات كثيرة كانت كل واحدة منها كفيلة بشطبه من قائمة العرسان الذين يتمناهم كل والد لبناته. إلا أن غناه شفع له عند أب نعيمة فوافق على ضمه للعائلة دون تردد. كل أحلامها تتهاوى أمام عينيها..  كان أمامها سنة فقط للالت...