المشاركات

عرض المشاركات من يناير, 2019

قلمي و الامتحان

صورة
بين حمامات الدم في سوريا و كفوف الأيادي في رابعة و قبلات التضامن وولادة وزارات جديدة، توقفت حركة قلمي و أصبح يرقب قطار الأحداث يطير بلا جناحين و يمرق أمامه مروق السهم.  فغر فاه مثل أبله وسط جوقة عرس، و ظلت عيناه تجيء و تروح بين هذا الخبر و ذاك كمن يتابع مباراة في التنس. زخم من الأحداث الوطنية والدولية في أيام قلائل سالت فيها دماء و مدادات أقلام و بحت فيها حناجر و استفاقت أحزاب من سباتها الأبدي. أصبح قلمي كذاك التلميذ الذي تتراكم عليه الدروس فيجد نفسه أمام كومة من الدفاتر ليلة الامتحان لا يدري بأيها يبدأ و على ماذا يركز اهتمامه. لجأ إلي و علامات الحيرة بادية على محياه و نظرات اللوم تملأ عينيه. حدثني عن مشكلته و عزا الحالة التي وصل إليها إلى غيابي و انشغالي عنه خلال الفترة الماضية بهمومي و مشاكلي دونا عن مشاكل الشرق و الغرب و العرب و العجم و الاقتصاد و السياسة. كأي عربي بارع بإيجاد شماعات يعلق عليها أخطاءه، ألقى علي بمسؤولية ما حدث، لكنني و كأي عربي بارع برد الكرات إلى مرسلها ذكرته بأنه وصل إلى سن و مستوى من النضج يتعين عليه فيه البحث عن مصادر المعلومات دون انتظار أن أعرض عليه خد...

من حجاب الكولونات إلى التبانات

سمعت اليوم أنينا صادرا عن درج مكتبي. ظننته فأرا فتسلحت بمقشة و فتحت الدرج مباغتة، فإذا بي أنا التي أباغت. لم يكن صاحب الصوت سوى قلمي الذي كنت قد أرجعته إلى درجه بعد مقالي الأخير “حجاب الكولونات”لأنخرط في غمرة السباق اليومي المليء بمشاغل الحياة خاطبني القلم قائلا: أين أنت؟ ألم يستفزك ما حدث؟ ماذا تنتظرين كي تشهريني في وجه ورقة أكتسح بياضها و أزيح عن كاهلي ثقل رأي لا يسمعه غير اتحادي معها في إبلاغه؟ نعم! قطعه الجماد هذه أصبح لديها إحساس بعد أن انعدم عند مجموعة من ذوي اللحم و الدم. خجلت من نفسي لكون ردة فعل القلم سبقت ردة فعلي، لكني أحسست بالفخر لكون هذا القلم الأصيل قلمي. أخرجت بسرعة دفتري و أعطيته إشارة الانطلاق لينسج عليه قطعة من ثوب الحسرة، مزينة بخيوط من التعجب وتطريزات بحرير الصدمة.  الصدمة.. كانت قوية! أول ما يتبادر إلى ذهنك عند مشاهدة بث سهرة من مهرجان “موازين” عبر التلفزة الوطنية تحييها (بل تميتها) كائنة نسيت ربما لفرحتها أو انفعالها ارتداء سروال قبل الصعود إلى المنصة هو أن تقرص نفسك: هل أنا في حلم أم علم؟ هل أنا في المغرب البلد الإسلامي تاريخيا و دستوريا؟ هل أن...

حجاب الكولونات

لم أستطع منع يدي من البحث بلهفة عن قلمي لتخط هذا المقال علها تفضفض عما أتخم ناظري من مناظر زادت حدة بعد دخول فصل الربيع، حتى تمنيت لو كان كل العام شتاء و صقيعا كي تضطر بناتنا لارتداء ملابس سميكة تقيهن زمهرير البرد و تقي أعيننا من هذا الزخم من مناظر اللباس الفاضح أكثر منه ساترا. لا أعني هنا من لا ترتدي الحجاب أو بمعنى أصح “غطاء الرأس”، فالمصيبة أن الفئة التي أتحدث عنها هي فئة المحجبات. استبشرنا بالصحوة الإسلامية خيرا و أثلج صدورنا ازدياد أعداد بنات و نساء المسلمين اللواتي اتخذن من الحجاب لباسا لهن امتثالا لأوامر رب العزة، بينما كانت تحاك في الخفاء مؤامرة خفية من أعداء الإسلام وعيا منهم أن صلاح الأمة الإسلامية في صلاح نسائها. ليس من الهين إقناع بنات المسلمين بالتخلي عن الحجاب، فصوت الضمير و إلحاح الأهل و نظرة المجتمع كلها عوائق في طريق دفع من اتخذت الحجاب زيا لها نحو السفور. ما العمل إذن و أعداد الملتحقات بركب المحجبات في تزايد، و صورة المرأة المسلمة  المثقفة الواعية بدأت تحتل حيزا مهما في المشهد العالمي؟ أسهل وسيلة للتأثير على امرأة هو شغلها بنفسها عما يجري في العالم، بم...

هل العيب فينا؟

صورة
جلت بفكري في زمننا هذا و في طريقة عيشنا فكانت هذه انطباعاتي: أصبحت كل أيامنا كرنفالات، فإذا خرجت إلى الشارع تعبت عيناك من كثرة الألوان و الأشكال و الأصباغ. أضحى الكل يتلألأ حتى لم تعد تميز ين المدعوة لعرس و الذاهبة لسوق السمك، و لم تعد تفرق بين القفطان ولباس النوم.  ضاع مفهوم السن و وقار الشيب وسط زحمة الموضات و الصرعات، حتى صرت ترى عجوز الستين بالجينز و طفلة العاشرة بالكعب العالي. أما ظاهرة التجاعيد فهي في طور الانقراض بفعل حقن البوتكس و السيليكون الذي أصبحت بفضله نساؤنا و فتياتنا في مأمن من الغرق. صعبت التفرقة بين الولد و البنت، فهذا ولد يلبس الوردي و الضيق و الفضي و الذهبي، وتلك بنت لا يفارق الحذاء الرياضي رجليها. لم تعد موائدنا تعرف معنى اللمة، و لم يعد حوض الغسيل يلو من الأواني في زمن أصبح فيه كل فرد من الأسرة يأكل بمفرده لأن التزاماته لا تسمح له بالتواجد في البيت في نفس الوقت مع الآخرين. أعيادنا فقدت بهجتها و سحرها، و ذابت في روتين سائر أيام السنة، فلم يعد يميزها عنها سوى أنها أيام عطلة، هذا إذا لم نضطر للعمل خلالها. كثر عدد الأصدقاء في زمن غابت فيه الصداقة ...